خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ ۖ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (112) (المائدة) mp3
هَذِهِ قِصَّة الْمَائِدَة وَإِلَيْهَا تُنْسَب السُّورَة فَيُقَال سُورَة الْمَائِدَة وَهِيَ مِمَّا اِمْتَنَّ اللَّه بِهِ عَلَى عَبْده وَرَسُوله عِيسَى لَمَّا أَجَابَ دُعَاءَهُ بِنُزُولِهَا فَأَنْزَلَهَا اللَّه آيَة بَاهِرَة وَحُجَّة قَاطِعَة وَقَدْ ذَكَرَ بَعْض الْأَئِمَّة أَنَّ قِصَّتهَا لَيْسَتْ مَذْكُورَة فِي الْإِنْجِيل وَلَا يَعْرِفهَا النَّصَارَى إِلَّا مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَاَللَّه أَعْلَمُ فَقَوْله تَعَالَى " إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ" وَهُمْ أَتْبَاع عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام " يَا عِيسَى اِبْن مَرْيَم هَلْ يَسْتَطِيع رَبّك " هَذِهِ قِرَاءَة كَثِيرِينَ وَقَرَأَ آخَرُونَ" هَلْ تَسْتَطِيع رَبّك " أَيْ هَلْ تَسْتَطِيع أَنْ تَسْأَل رَبّك " أَنْ يُنَزِّل عَلَيْنَا مَائِدَة مِنْ السَّمَاء " وَالْمَائِدَة هِيَ الْخِوَان عَلَيْهِ الطَّعَام وَذَكَرَ بَعْضهمْ أَنَّهُمْ إِنَّمَا سَأَلُوا ذَلِكَ لِحَاجَتِهِمْ وَفَقْرِهِمْ فَسَأَلُوهُ أَنْ يُنَزِّل عَلَيْهِمْ مَائِدَة كُلّ يَوْم يَقْتَاتُونَ مِنْهَا وَيَتَقَوَّوْنَ بِهَا عَلَى الْعِبَادَة " قَالَ اِتَّقُوا اللَّه إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" أَيْ فَأَجَابَهُمْ الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام قَائِلًا لَهُمْ اِتَّقُوا اللَّه وَلَا تَسْأَلُوا هَذَا فَعَسَاهُ أَنْ يَكُون فِتْنَة لَكُمْ وَتَوَكَّلُوا عَلَى اللَّه فِي طَلَبِ الرِّزْقِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . " ذِكْر أَخْبَار رُوِيَتْ عَنْ السَّلَف فِي نُزُول الْمَائِدَة عَلَى الْحَوَارِيِّينَ " قَالَ أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير : حَدَّثَنَا الْقَاسِم حَدَّثَنَا الْحُسَيْن حَدَّثَنِي حَجَّاج عَنْ لَيْث عَنْ عُقَيْل عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّث عَنْ عِيسَى أَنَّهُ قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيل هَلْ لَكُمْ أَنْ تَصُومُوا لِلَّهِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ تَسْأَلُوهُ فَيُعْطِيكُمْ مَا سَأَلْتُمْ فَإِنَّ أَجْر الْعَامِل عَلَى مَنْ عَمِلَ لَهُ فَفَعَلُوا ثُمَّ قَالُوا يَا مُعَلِّم الْخَيْر قُلْت لَنَا إِنَّ أَجْر الْعَامِل عَلَى مَنْ عَمِلَ لَهُ وَأَمَرْتنَا أَنْ نَصُوم ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَفَعَلْنَا وَلَمْ نَكُنْ نَعْمَل لِأَحَدٍ ثَلَاثِينَ يَوْمًا إِلَّا أَطْعَمَنَا حِين نَفْرُغُ طَعَامًا فَهَلْ يَسْتَطِيع رَبُّك أَنْ يُنَزِّل عَلَيْنَا مَائِدَة مِنْ السَّمَاء ؟ قَالَ عِيسَى اِتَّقُوا اللَّه إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَالُوا نُرِيد أَنْ نَأْكُل مِنْهَا وَتَطْمَئِنّ قُلُوبنَا وَنَعْلَم أَنْ قَدْ صَدَقْتنَا وَنَكُون عَلَيْهَا مِنْ الشَّاهِدِينَ قَالَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم اللَّهُمَّ رَبّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَة مِنْ السَّمَاء تَكُون لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرنَا وَآيَة مِنْك وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْر الرَّازِقِينَ قَالَ اللَّه إِنِّي مُنَزِّلهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُر بَعْد مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ قَالَ فَأَقْبَلَتْ الْمَلَائِكَة تَطِير بِمَائِدَةٍ مِنْ السَّمَاء عَلَيْهَا سَبْعَة أَحْوَات وَسَبْعَة أَرْغِفَة حَتَّى وَضَعَتْهَا بَيْن أَيْدِيهمْ فَأَكَلَ مِنْهَا آخِرُ النَّاسِ كَمَا أَكَلَ مِنْهَا أَوَّلهمْ كَذَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير. وَرَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى عَنْ اِبْن وَهْب عَنْ اللَّيْث عَنْ عُقَيْل عَنْ اِبْن شِهَاب قَالَ : كَانَ اِبْن عَبَّاس يُحَدِّث فَذَكَرَ نَحْوه . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا سَعِيد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة وَهِبَة اللَّه بْن رَاشِد حَدَّثَنَا عُقَيْل بْن خَالِد أَنَّ اِبْن شِهَاب أَخْبَرَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ عِيسَى اِبْن مَرْيَم قَالُوا لَهُ اُدْعُ اللَّه أَنْ يُنَزِّل عَلَيْنَا مَائِدَة مِنْ السَّمَاء قَالَ فَنَزَلَتْ الْمَلَائِكَة بِالْمَائِدَةِ يَحْمِلُونَهَا عَلَيْهَا سَبْعَة أَحْوَات وَسَبْعَة أَرْغِفَة حَتَّى وَضَعَتْهَا بَيْن أَيْدِيهمْ فَأَكَلَ مِنْهَا آخِر النَّاس كَمَا أَكَلَ مِنْهَا أَوَّلهمْ وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن قَزَعَة الْبَاهِلِيّ حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن حَبِيب حَدَّثَنَا سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة عَنْ قَتَادَة عَنْ جُلَاس عَنْ عَمَّار بْن يَاسِر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " نَزَلَتْ الْمَائِدَة مِنْ السَّمَاء عَلَيْهَا خُبْز وَلَحْم وَأُمِرُوا أَنْ لَا يَخُونُوا وَلَا يَرْفَعُوا لِغَدٍ فَخَانُوا وَادَّخَرُوا وَرَفَعُوا فَمُسِخُوا قِرَدَة وَخَنَازِير " وَكَذَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ الْحَسَن بْن قَزَعَة . ثُمَّ رَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ اِبْن بَشَّار عَنْ اِبْن أَبِي عَدِيّ عَنْ سَعِيد عَنْ قَتَادَة عَنْ جُلَاس عَنْ عَمَّار قَالَ : نَزَلَتْ الْمَائِدَة وَعَلَيْهَا ثَمَر مِنْ ثِمَار الْجَنَّة فَأُمِرُوا أَنْ لَا يَخُونُوا وَلَا يُخَبِّئُوا وَلَا يَدَّخِرُوا قَالَ فَخَانَ الْقَوْم وَخَبَّئُوا وَادَّخَرُوا فَمَسَخَهُمْ اللَّه قِرَدَة وَخَنَازِير وَقَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْد الْأَعْلَى حَدَّثَنَا دَاوُد عَنْ سِمَاك بْن حَرْب عَنْ رَجُل مِنْ بَنِي عِجْل قَالَ : صَلَّيْت إِلَى جَانِب عَمَّار بْن يَاسِر فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ هَلْ تَدْرِي كَيْف كَانَ شَأْن مَائِدَة بَنِي إِسْرَائِيل ؟ قَالَ قُلْت لَا قَالَ : إِنَّهُمْ سَأَلُوا عِيسَى اِبْن مَرْيَم مَائِدَة يَكُون عَلَيْهَا طَعَام يَأْكُلُونَ مِنْهُ لَا يَنْفَد قَالَ فَقِيلَ لَهُمْ فَإِنَّهَا مُقِيمَة لَكُمْ مَا لَمْ تُخَبِّئُوا أَوْ تَخُونُوا أَوْ تَرْفَعُوا فَإِنْ فَعَلْتُمْ فَإِنِّي مُعَذِّبكُمْ عَذَابًا لَا أُعَذِّبهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ قَالَ : فَمَا مَضَى يَوْمهمْ حَتَّى خَبَّئُوا وَرَفَعُوا وَخَانُوا فَعُذِّبُوا عَذَابًا لَمْ يُعَذِّبهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ وَإِنَّكُمْ يَا مَعْشَر الْعَرَب كُنْتُمْ تَتَّبِعُونَ أَذْنَاب الْإِبِل وَالشَّاء فَبَعَثَ اللَّه فِيكُمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسكُمْ تَعْرِفُونَ حَسَبه وَنَسَبه وَأَخْبَرَكُمْ أَنَّكُمْ سَتَظْهَرُونَ عَلَى الْعَجَم وَنَهَاكُمْ أَنْ تَكْنِزُوا الذَّهَب وَالْفِضَّة وَأَيْم اللَّه لَا يَذْهَب اللَّيْل وَالنَّهَار حَتَّى تَكْنِزُوهُمَا وَيُعَذِّبكُمْ اللَّه عَذَابًا أَلِيمًا. وَقَالَ : حَدَّثَنَا الْقَاسِم حَدَّثَنَا حُسَيْن حَدَّثَنِي حَجَّاج عَنْ أَبِي مَعْشَر عَنْ إِسْحَاق بْن عَبْد اللَّه أَنَّ الْمَائِدَة نَزَلَتْ عَلَى عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهَا سَبْعَة أَرْغِفَة وَسَبْعَة أَحْوَات يَأْكُلُونَ مِنْهَا مَا شَاءُوا قَالَ : فَسَرَقَ بَعْضهمْ مِنْهَا وَقَالَ لَعَلَّهَا لَا تُنَزَّل غَدًا فَرُفِعَتْ وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس : نَزَلَ عَلَى عِيسَى اِبْن مَرْيَم وَالْحَوَارِيِّينَ خِوَان عَلَيْهِ خُبْز وَسَمَك يَأْكُلُونَ مِنْهُ أَيْنَمَا نَزَلُوا إِذَا شَاءُوا . وَقَالَ خُصَيْف عَنْ عِكْرِمَة وَمِقْسَم عَنْ اِبْن عَبَّاس كَانَتْ الْمَائِدَة سَمَكَة وَأَرْغِفَة وَقَالَ مُجَاهِد هُوَ طَعَام كَانَ يُنَزَّل عَلَيْهِمْ حَيْثُ نَزَلُوا . وَقَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ : نَزَلَتْ الْمَائِدَة خُبْزًا وَسَمَكًا . قَالَ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ : الْمَائِدَة سَمَك فِيهِ طَعْم كُلّ شَيْء. وَقَالَ وَهْب بْن مُنَبِّه أَنْزَلَهَا اللَّه مِنْ السَّمَاء عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل فَكَانَ يُنَزِّل عَلَيْهِمْ فِي كُلّ يَوْم فِي تِلْكَ الْمَائِدَة مِنْ ثِمَار الْجَنَّة فَأَكَلُوا مَا شَاءُوا مِنْ ضُرُوب شَتَّى فَكَانَ يَقْعُد عَلَيْهَا أَرْبَعَة آلَاف وَإِذَا أَكَلُوا أَنْزَلَ اللَّه مَكَان ذَلِكَ لِمِثْلِهِمْ فَلَبِثُوا عَلَى ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . وَقَالَ وَهْب بْن مُنَبِّه : نَزَلَ عَلَيْهِمْ قُرْصَة مِنْ شَعِير وَأَحْوَات وَحَشَا اللَّهُ بَيْن أَضْعَافهنَّ الْبَرَكَةَ فَكَانَ قَوْم يَأْكُلُونَ ثُمَّ يَخْرُجُونَ ثُمَّ يَجِيء آخَرُونَ فَيَأْكُلُونَ ثُمَّ يَخْرُجُونَ حَتَّى أَكَلَ جَمِيعهمْ وَأَفْضَلُوا. وَقَالَ الْأَعْمَش عَنْ مُسْلِم عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : أُنْزِلَ عَلَيْهَا كُلّ شَيْء إِلَّا اللَّحْم . وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب عَنْ زَاذَان وَمَيْسَرَة وَجَرِير عَنْ عَطَاء عَنْ مَيْسَرَة قَالَ : كَانَتْ الْمَائِدَة إِذَا وُضِعَتْ لِبَنِي إِسْرَائِيل اِخْتَلَفَتْ عَلَيْهِمْ الْأَيْدِي بِكُلِّ طَعَام إِلَّا اللَّحْم . وَعَنْ عِكْرِمَة كَانَ خُبْز الْمَائِدَة مِنْ الْأَرُزّ رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن عَلِيّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي أُوَيْس حَدَّثَنِي أَبُو عَبْد اللَّه عَبْد الْقُدُّوس بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عُبَيْد اللَّه بْن مِرْدَاس الْعَبْدَرِيّ مَوْلَى عَبْد الدَّار عَنْ إِبْرَاهِيم بْن عُمَر عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه عَنْ أَبِي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَنْ سَلْمَان الْخَيْر أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا سَأَلَ الْحَوَارِيُّونَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم الْمَائِدَة كَرِهَ ذَلِكَ جِدًّا فَقَالَ اِقْنَعُوا بِمَا رَزَقَكُمْ اللَّه فِي الْأَرْض وَلَا تَسْأَلُوا الْمَائِدَة مِنْ السَّمَاء فَإِنَّهَا إِنْ نَزَلَتْ عَلَيْكُمْ كَانَتْ آيَة مِنْ رَبّكُمْ وَإِنَّمَا هَلَكَتْ ثَمُودُ حِين سَأَلُوا نَبِيَّهُمْ آيَةً فَابْتُلُوا بِهَا حَتَّى كَانَ بَوَارُهُمْ فِيهَا. فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمْ بِهَا فَلِذَلِكَ قَالُوا " نُرِيد أَنْ نَأْكُل مِنْهَا وَتَطْمَئِنّ قُلُوبنَا " الْآيَة فَلَمَّا رَأَى عِيسَى أَنْ قَدْ أَبَوْا إِلَّا أَنْ يَدْعُو لَهُمْ فَأَلْقَى عَنْهُ الصُّوفَ وَلَبِسَ الشَّعْر الْأَسْوَد وَجُبَّة مِنْ شَعْر وَعَبَاءَة مِنْ شَعْر ثُمَّ تَوَضَّأَ وَاغْتَسَلَ وَدَخَلَ مُصَلَّاهُ فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّه فَلَمَّا قَضَى صَلَاته قَامَ قَائِمًا مُسْتَقْبِل الْقِبْلَة وَصَفَّ قَدَمَيْهِ حَتَّى اِسْتَوَيَا فَأَلْصَقَ الْكَعْب بِالْكَعْبِ وَحَاذَى الْأَصَابِع وَوَضَعَ يَده الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فَوْق صَدْره وَغَضَّ بَصَرَهُ وَطَأْطَأَ رَأْسه خُشُوعًا ثُمَّ أَرْسَلَ عَيْنَيْهِ بِالْبُكَاءِ فَمَا زَالَتْ دُمُوعه تَسِيل عَلَى خَدَّيْهِ وَتَقْطُر مِنْ أَطْرَاف لِحْيَته حَتَّى اِبْتَلَتْ الْأَرْض حِيَال وَجْهه مِنْ خُشُوعه فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ دَعَا اللَّه فَقَالَ اللَّهُمَّ رَبّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَة مِنْ السَّمَاء فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ سُفْرَة حَمْرَاء بَيْن غَمَامَتَيْنِ غَمَامَة فَوْقهَا وَغَمَامَة تَحْتهَا وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا فِي الْهَوَاء مُنْقَضَّة مِنْ فَلَك السَّمَاء تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَعِيسَى يَبْكِي خَوْفًا مِنْ أَجْلِ الشُّرُوط الَّتِي أَخَذَهَا اللَّه عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّهُ يُعَذِّب مَنْ يَكْفُر بِهَا مِنْهُمْ بَعْد نُزُولهَا عَذَابًا لَمْ يُعَذِّبهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ وَهُوَ يَدْعُو اللَّه فِي مَكَانه وَيَقُول اللَّهُمَّ اِجْعَلْهَا رَحْمَة لَهُمْ وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا إِلَهِي كَمْ مِنْ عَجِيبَة سَأَلْتُك فَأَعْطَيْتنِي إِلَهِي اِجْعَلْنَا لَك شَاكِرِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذ بِك أَنْ تَكُون أَنْزَلْتهَا غَضَبًا وَرِجْزًا إِلَهِي اِجْعَلْهَا سَلَامَة وَعَافِيَة وَلَا تَجْعَلهَا فِتْنَة وَمُثْلَة . فَمَا زَالَ يَدْعُو حَتَّى اِسْتَقَرَّتْ السُّفْرَة بَيْن يَدَيْ عِيسَى وَالْحَوَارِيِّينَ وَأَصْحَابه حَوْله يَجِدُونَ رَائِحَة طَيِّبَة لَمْ يَجِدُوا فِيمَا مَضَى رَائِحَة مِثْلهَا قَطُّ وَخَرَّ عِيسَى وَالْحَوَارِيُّونَ لِلَّهِ سُجَّدًا شُكْرًا لَهُ لِمَا رَزَقَهُمْ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَأَرَاهُمْ فِيهِ آيَة عَظِيمَة ذَات عَجَبٍ وَعِبْرَة وَأَقْبَلَتْ الْيَهُود يَنْظُرُونَ فَرَأَوْا أَمْرًا عَجِيبًا أَوْرَثَهُمْ كَمَدًا وَغَمًّا ثُمَّ اِنْصَرَفُوا بِغَيْظٍ شَدِيد وَأَقْبَلَ عِيسَى وَالْحَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابه حَتَّى جَلَسُوا حَوْل السُّفْرَة فَإِذَا عَلَيْهَا مِنْدِيل مُغَطًّى فَقَالَ عِيسَى مَنْ أَجْرَؤُنَا عَلَى كَشْف الْمِنْدِيل عَنْ هَذِهِ السُّفْرَة وَأَوْثَقُنَا بِنَفْسِهِ وَأَحْسَنُنَا بَلَاء عِنْد رَبّه فَلْيَكْشِفْ عَنْ هَذِهِ الْآيَة حَتَّى نَرَاهَا وَنَحْمَد رَبّنَا وَنَذْكُر بِاسْمِهِ وَنَأْكُل مِنْ رِزْقه الَّذِي رَزَقَنَا فَقَالَ الْحَوَارِيُّونَ : يَا رُوح اللَّه وَكَلِمَته أَنْتَ أَوْلَانَا بِذَلِكَ وَأَحَقُّنَا بِالْكَشْفِ عَنْهَا . فَقَامَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَاسْتَأْنَفَ وُضُوءًا جَدِيدًا ثُمَّ دَخَلَ مُصَلَّاهُ فَصَلَّى كَذَلِكَ رَكَعَات ثُمَّ بَكَى بُكَاء طَوِيلًا وَدَعَا اللَّه أَنْ يَأْذَن لَهُ فِي الْكَشْف عَنْهَا وَيَجْعَل لَهُ وَلِقَوْمِهِ فِيهَا بَرَكَة وَرِزْقًا ثُمَّ اِنْصَرَفَ وَجَلَسَ إِلَى السُّفْرَة وَتَنَاوَلَ الْمِنْدِيل وَقَالَ : بِسْمِ اللَّه خَيْر الرَّازِقِينَ وَكَشَفَ عَنْ السُّفْرَة فَإِذَا هُوَ عَلَيْهَا بِسَمَكَةٍ ضَخْمَة مَشْوِيَّة لَيْسَ عَلَيْهَا بَوَاسِير وَلَيْسَ فِي جَوْفهَا شَوْك يَسِيل السَّمْن مِنْهَا سَيْلًا قَدْ تَحَدَّقَ بِهَا بُقُولٌ مِنْ كُلّ صِنْف غَيْر الْكُرَّاث وَعِنْد رَأْسهَا خَلّ وَعِنْد ذَنَبهَا مِلْح وَحَوْل الْبُقُول خَمْسَة أَرْغِفَة عَلَى وَاحِد مِنْهَا زَيْتُون وَعَلَى الْآخَر تَمَرَات وَعَلَى الْآخَر خَمْس رُمَّانَات فَقَالَ شَمْعُون رَأْس الْحَوَارِيِّينَ لِعِيسَى : يَا رُوح اللَّه وَكَلِمَته أَمِنْ طَعَام الدُّنْيَا هَذَا أَمْ مِنْ طَعَام الْجَنَّة ؟ فَقَالَ عِيسَى أَمَا آنَ لَكُمْ أَنْ تَعْتَبِرُوا بِمَا تَرَوْنَ مِنْ الْآيَات وَتَنْتَهُوا عَنْ تَنْقِير الْمَسَائِل ؟ مَا أَخْوَفَنِي عَلَيْكُمْ أَنْ تُعَاقَبُوا فِي سَبَب نُزُول هَذِهِ الْآيَة . فَقَالَ لَهُ شَمْعُون : لَا وَإِلَه إِسْرَائِيل مَا أَرَدْت بِهَا سُؤَالًا يَا اِبْن الصِّدِّيقَة فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام : لَيْسَ شَيْء مِمَّا تَرَوْنَ مِنْ طَعَام الدُّنْيَا وَلَا مِنْ طَعَام الْجَنَّة إِنَّمَا هُوَ شَيْء اِبْتَدَعَهُ اللَّه فِي الْهَوَاء بِالْقُدْرَةِ الْغَالِبَة الْقَاهِرَة فَقَالَ لَهُ كُنْ فَكَانَ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَة عَيْن فَكُلُوا مِمَّا سَأَلْتُمْ بِسْمِ اللَّه وَاحْمَدُوا عَلَيْهِ رَبّكُمْ يَمُدّكُمْ مِنْهُ وَيَزِدْكُمْ فَإِنَّهُ بَدِيع قَادِر شَاكِر فَقَالُوا يَا رُوح اللَّه وَكَلِمَته إِنَّا نُحِبّ أَنْ يُرِينَا اللَّه آيَة فِي هَذِهِ الْآيَة فَقَالَ عِيسَى : سُبْحَان اللَّه أَمَا اِكْتَفَيْتُمْ بِمَا رَأَيْتُمْ مِنْ هَذِهِ الْآيَة حَتَّى تَسْأَلُوا فِيهَا آيَة أُخْرَى ؟ ثُمَّ أَقْبَلَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى السَّمَكَة فَقَالَ يَا سَمَكَة عُودِي بِإِذْنِ اللَّه حَيَّة كَمَا كُنْت فَأَحْيَاهَا اللَّه بِقُدْرَتِهِ فَاضْطَرَبَتْ وَعَادَتْ بِإِذْنِ اللَّه حَيَّة طَرِيَّة تُلَمِّظ كَمَا يَتَلَمَّظ الْأَسَدُ تَدُور عَيْنَاهَا لَهَا بَصِيص وَعَادَتْ عَلَيْهَا بَوَاسِيرُهَا فَفَزِعَ الْقَوْمُ مِنْهَا وَانْحَاسُوا فَلَمَّا رَأَى عِيسَى مِنْهُمْ ذَلِكَ قَالَ : مَا لَكُمْ تَسْأَلُونَ الْآيَة فَإِذَا أَرَاكُمُوهَا رَبُّكُمْ كَرِهْتُمُوهَا ؟ مَا أَخْوَفَنِي عَلَيْكُمْ أَنْ تُعَاقَبُوا بِمَا تَصْنَعُونَ يَا سَمَكَة عُودِي بِإِذْنِ اللَّه كَمَا كُنْت فَعَادَتْ بِإِذْنِ اللَّه مَشْوِيَّة كَمَا كَانَتْ فِي خَلْقهَا الْأَوَّل فَقَالُوا يَا عِيسَى كُنْ أَنْتَ يَا رُوح اللَّه الَّذِي تَبْدَأ بِالْأَكْلِ مِنْهَا ثُمَّ نَحْنُ بَعْد فَقَالَ عِيسَى : مَعَاذ اللَّه مِنْ ذَلِكَ . يَبْدَأ بِالْأَكْلِ مَنْ طَلَبَهَا فَلَمَّا رَأَى الْحَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابه اِمْتِنَاع عِيسَى مِنْهَا خَافُوا أَنْ يَكُون نُزُولهَا سَخْطَة وَفِي أَكْلهَا مِثْله فَتَحَامَوْهَا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عِيسَى مِنْهُمْ دَعَا لَهَا الْفُقَرَاء وَالزَّمْنَى وَقَالَ : كُلُوا مِنْ رِزْق رَبّكُمْ وَدَعْوَة نَبِيّك وَاحْمَدُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَهَا لَكُمْ فَيَكُون مَهْنَؤُهَا لَكُمْ وَعُقُوبَتهَا عَلَى غَيْركُمْ وَافْتَتِحُوا أَكْلَكُمْ بِاسْمِ اللَّه وَاخْتِمُوهُ بِحَمْدِ اللَّه : فَفَعَلُوا فَأَكَلَ مِنْهَا أَلْف وَثَلَثُمِائَةِ إِنْسَان بَيْن رَجُل وَامْرَأَة يَصْدُرُونَ عَنْهَا كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ شَبْعَان يَتَجَشَّأ وَنَظَرَ عِيسَى وَالْحَوَارِيُّونَ فَإِذَا مَا عَلَيْهَا كَهَيْئَتِهِ إِذْ نَزَلَتْ مِنْ السَّمَاء لَمْ يَنْقُص مِنْهَا شَيْء ثُمَّ إِنَّهَا رُفِعَتْ إِلَى السَّمَاء وَهُمْ يَنْظُرُونَ فَاسْتَغْنَى كُلّ فَقِير أَكَلَ مِنْهَا وَبَرِئَ كُلّ زَمِنٍ أَكَلَ مِنْهَا فَلَمْ يَزَالُوا أَغْنِيَاء أَصِحَّاء حَتَّى خَرَجُوا مِنْ الدُّنْيَا وَنَدِمَ الْحَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابهمْ الَّذِينَ أَبَوْا أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا نَدَامَة سَالَتْ مِنْهَا أَشْفَارُهُمْ وَبَقِيَتْ حَسْرَتُهَا فِي قُلُوبهمْ إِلَى يَوْم الْمَمَات قَالَ : وَكَانَتْ الْمَائِدَة إِذَا نَزَلَتْ بَعْد ذَلِكَ أَقْبَلَ بَنُو إِسْرَائِيل إِلَيْهَا يَسْعَوْنَ مِنْ كُلّ مَكَان يُزَاحِم بَعْضهمْ بَعْضًا الْأَغْنِيَاء وَالْفُقَرَاء وَالصِّغَار وَالْكِبَار وَالْأَصِحَّاء وَالْمَرْضَى يَرْكَب بَعْضه بَعْضًا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ جَعَلَهَا نُوَبًا بَيْنهمْ تُنَزَّل يَوْمًا وَلَا تُنَزَّل يَوْمًا فَلَبِثُوا عَلَى ذَلِكَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا تُنَزَّل عَلَيْهِمْ غِبًّا عِنْد اِرْتِفَاع النَّهَار فَلَا تَزَال مَوْضُوعَة يُؤْكَل مِنْهَا حَتَّى إِذَا قَالُوا اِرْتَفَعَتْ عَنْهُمْ إِلَى جَوّ السَّمَاء بِإِذْنِ اللَّه وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى ظِلّهَا فِي الْأَرْض حَتَّى تَوَارَى عَنْهُمْ قَالَ فَأَوْحَى اللَّه إِلَى نَبِيّه عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَنْ اِجْعَلْ رِزْقِي فِي الْمَائِدَة لِلْفُقَرَاءِ وَالْيَتَامَى وَالزَّمْنَى دُون الْأَغْنِيَاء مِنْ النَّاس فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ اِرْتَابَ بِهَا الْأَغْنِيَاء مِنْ النَّاس وَغَمَطُوا ذَلِكَ حَتَّى شَكُّوا فِيهَا فِي أَنْفُسهمْ وَشَكَّكُوا فِيهَا النَّاس وَأَذَاعُوا فِي أَمْرهَا الْقَبِيح وَالْمُنْكَر وَأَدْرَكَ الشَّيْطَان مِنْهُمْ حَاجَته وَقَذَفَ وَسْوَاسه فِي قُلُوب الرَّبَّانِيِّينَ حَتَّى قَالُوا لِعِيسَى أَخْبِرْنَا عَنْ الْمَائِدَة وَنُزُولهَا مِنْ السَّمَاء أَحَقٌّ فَإِنَّهُ قَدْ اِرْتَابَ بِهَا مِنَّا بَشَرٌ كَثِير ؟ فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام هَلَكْتُمْ وَإِلَه الْمَسِيح طَلَبْتُمْ الْمَائِدَة إِلَى نَبِيّكُمْ أَنْ يَطْلُبهَا لَكُمْ إِلَى رَبّكُمْ فَلَمَّا أَنْ فَعَلَ وَأَنْزَلَهَا عَلَيْكُمْ رَحْمَة وَرِزْقًا وَأَرَاكُمْ فِيهَا الْآيَات وَالْعِبَر كَذَّبْتُمْ بِهَا وَشَكَكْتُمْ فِيهَا فَأَبْشِرُوا بِالْعَذَابِ فَإِنَّهُ نَازِل بِكُمْ إِلَّا أَنْ يَرْحَمكُمْ اللَّه . فَأَوْحَى اللَّه إِلَى عِيسَى إِنِّي آخُذ الْمُكَذِّبِينَ بِشَرْطِي فَإِنِّي مُعَذِّب مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ بِالْمَائِدَةِ بَعْد نُزُولهَا عَذَابًا لَا أُعَذِّبهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ . قَالَ فَلَمَّا أَمْسَى الْمُرْتَابُونَ بِهَا وَأَخَذُوا مَضَاجِعهمْ فِي أَحْسَنِ صُورَة مَعَ نِسَائِهِمْ آمِنِينَ فَلَمَّا كَانَ فِي آخِر اللَّيْل مَسَخَهُمْ اللَّه خَنَازِير فَأَصْبَحُوا يَتْبَعُونَ الْأَقْذَار فِي الْكُنَاسَات هَذَا أَثَر غَرِيب جِدًّا قَطَعَهُ اِبْن أَبِي حَاتِم فِي مَوَاضِع مِنْ هَذِهِ الْقِصَّة وَقَدْ جَمَعْته أَنَا لِيَكُونَ سِيَاقه أَتَمَّ وَأَكْمَلَ وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم . وَكُلّ هَذِهِ الْآثَار دَالَّة عَلَى أَنَّ الْمَائِدَة نَزَلَتْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل أَيَّام عِيسَى اِبْن مَرْيَم إِجَابَة مِنْ اللَّه لِدَعْوَتِهِ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ ظَاهِر هَذَا السِّيَاق مِنْ الْقُرْآن الْعَظِيم قَالَ اللَّه " إِنِّي مُنَزِّلهَا عَلَيْكُمْ" الْآيَة . وَقَالَ قَائِلُونَ إِنَّهَا لَمْ تُنَزَّل فَرَوَى لَيْث بْن أَبِي سُلَيْم عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله " أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَة مِنْ السَّمَاء " قَالَ هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ وَلَمْ يُنَزَّل شَيْءٌ رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَابْن جَرِير ثُمَّ قَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنَا الْحَارِث حَدَّثَنَا الْقَاسِم هُوَ اِبْن سَلَّام حَدَّثَنَا حَجَّاج عَنْ اِبْن جُرَيْج عَنْ مُجَاهِد قَالَ : مَائِدَة عَلَيْهَا طَعَام أَبَوْهَا حِين عُرِضَ عَلَيْهِمْ الْعَذَاب إِنْ كَفَرُوا فَأَبَوْا أَنْ تُنَزَّل عَلَيْهِمْ وَقَالَ أَيْضًا : حَدَّثَنَا أَبُو الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ مَنْصُور بْن زَاذَان عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَائِدَة إِنَّهَا لَمْ تُنَزَّل . وَحَدَّثَنَا بِشْر حَدَّثَنَا يَزِيد حَدَّثَنَا سَعِيد عَنْ قَتَادَة قَالَ : كَانَ الْحَسَن يَقُول لَمَّا قِيلَ لَهُمْ " فَمَنْ يَكْفُر بَعْد مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ " قَالُوا لَا حَاجَة لَنَا فِيهَا فَلَمْ تُنَزَّل وَهَذِهِ أَسَانِيد صَحِيحَة إِلَى مُجَاهِد وَالْحَسَن وَقَدْ يَتَقَوَّى ذَلِكَ بِأَنَّ خَبَر الْمَائِدَة لَا يَعْرِفهُ النَّصَارَى وَلَيْسَ هُوَ فِي كِتَابهمْ وَلَوْ كَانَتْ قَدْ نَزَلَتْ لَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا تَوَفَّرَ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ وَكَانَ يَكُون مَوْجُودًا فِي كِتَابهمْ مُتَوَاتِرًا وَلَا أَقَلّ مِنْ الْآحَاد وَاَللَّه أَعْلَم وَلَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَنَّهَا نَزَلَتْ وَهُوَ الَّذِي اِخْتَارَهُ اِبْن جَرِير قَالَ : لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى أَخْبَرَ بِنُزُولِهَا فِي قَوْله تَعَالَى " إِنِّي مُنَزِّلهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُر بَعْد مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ " قَالَ وَوَعَدَ اللَّه وَوَعِيده حَقٌّ وَصِدْق وَهَذَا الْقَوْل هُوَ وَاَللَّه أَعْلَم الصَّوَاب كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَار وَالْآثَار عَنْ السَّلَف وَغَيْرهمْ وَقَدْ ذَكَرَ أَهْل التَّارِيخ أَنَّ مُوسَى بْن نُصَيْر نَائِب بَنِي أُمَيَّة فِي فُتُوح بِلَاد الْمَغْرِب وَجَدَ الْمَائِدَة هُنَالِكَ مُرَصَّعَة بِاللَّآلِئِ وَأَنْوَاع الْجَوَاهِر فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ الْوَلِيد بْن عَبْد الْمَلِك بَانِي جَامِع دِمَشْق فَمَاتَ وَهِيَ فِي الطَّرِيق فَحُمِلَتْ إِلَى أَخِيهِ سُلَيْمَان بْن عَبْد الْمَلِك الْخَلِيفَة بَعْده فَرَآهَا النَّاس فَتَعَجَّبُوا مِنْهَا كَثِيرًا لِمَا فِيهَا مِنْ الْيَوَاقِيت النَّفِيسَة وَالْجَوَاهِر الْيَتِيمَة وَيُقَال إِنَّ هَذِهِ الْمَائِدَة كَانَتْ لِسُلَيْمَان بْن دَاوُدَ فَاَللَّه أَعْلَم . وَقَدْ قَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل عَنْ عِمْرَان بْن الْحَكَم عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : قَالَتْ قُرَيْش لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اُدْعُ لَنَا رَبّك أَنْ يَجْعَل لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا وَنُؤْمِن بِك قَالَ " وَتَفْعَلُونَ ؟ " قَالُوا نَعَمْ قَالَ : فَدَعَا فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ إِنَّ رَبّك يَقْرَأ عَلَيْك السَّلَامَ وَيَقُول لَك : إِنْ شِئْت أَصْبَحَ لَهُمْ الصَّفَا ذَهَبًا فَمَنْ كَفَرَ مِنْهُمْ بَعْد ذَلِكَ عَذَّبْته عَذَابًا لَا أُعَذِّبهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ وَإِنْ شِئْت فَتَحَتْ لَهُمْ بَاب التَّوْبَة وَالرَّحْمَة . قَالَ " بَلْ بَاب التَّوْبَة وَالرَّحْمَة " ثُمَّ رَوَاهُ أَحْمَد وَابْن مَرْدُوَيْهِ وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مِنْ حَدِيث سُفْيَان الثَّوْرِيّ بِهِ .

كتب عشوائيه

  • دموع المآذن [ القاسم ]دموع المآذن: قال المصنف - حفظه الله -: «رسائل كثيرة كتبت.. وصداقات كثيرة انقطعت.. بقيت ثلاث رسائل... وبقيت محبة خالصة.. تقويها روابط الإسلام وتشدها وشائج الإيمان. يسقيها الصدق من منبعه والوفاء من معينه. ثلاث رسائل كتبت بصدق.. وحفظها الزمن.. تنثر بين يدي القارئ.. فلربما كان بحاجة إليها.. تقيل العثرة وتنير الطريق».

    المؤلف : عبد الملك القاسم

    الناشر : دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/229609

    التحميل :

  • وظائف رمضانوظائف رمضان : مختصرٌ لطيفٌ في وظائفِ هذا الموسمِ الشريف، يبعثُ الهمَمَ إلى التَّعرُّضِ للنَّفَحَاتِ، ويُثيرُ العزمَ إلى أشرفِ الأوقاتِ، لخصه الشيخ - رحمه الله - من كتاب لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف، للعلامة ابن رجب الحنبلي - رحمه الله -.

    المؤلف : عبد الرحمن بن محمد بن قاسم

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/71231

    التحميل :

  • اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيماقتضاء الصراط المستقيم : فإن من أعظم مقاصد الدين وأصوله، تمييز الحق وأهله عن الباطل وأهله، وبيان سبيل الهدى والسنة، والدعوة إليه، وكشف سبل الضلالة والبدعة، والتحذير منها. وقد اشتملت نصوص القرآن والسنة، على كثير من القواعد والأحكام التي تبين هذا الأصل العظيم والمقصد الجليل. ومن ذلك، أن قواعد الشرع ونصوصه اقتضت وجوب مخالفة المسلمين للكافرين، في عقائدهم وعباداتهم وأعيادهم وشرائعهم، وأخلاقهم الفاسدة، وكل ما هو من خصائصهم وسماتهم التي جانبوا فيها الحق والفضيلة. وقد عني سلفنا الصالح - رحمهم الله - ببيان هذا الأمر، وكان من أبرز من صنف فيه: شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية المتوفى سنة 728هـ - رحمه الله -،وذلك في كثير من مصنفاته، لاسيما كتابه الشهير: " اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم ". لذا حرصنا على توفير هذا الكتاب بتحقيق فضيلة الشيخ ناصر العقل - حفظه الله - وهي عبارة عن أطروحة لنيل العالمية العالية - الدكتوراة - من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بإشراف فضيلة العلامة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله -.

    المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية

    المدقق/المراجع : ناصر بن عبد الكريم العقل

    الناشر : موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/102361

    التحميل :

  • صرخة .. في مطعم الجامعة!!صرخة .. في مطعم الجامعة!!: رسالة نافعةٌ في صورة قصة تُبيِّن عِظَم مكانة الحجاب للنساء في الإسلام، وتُعطي الوصايا المهمة والنصائح المفيدة للنساء المسلمات بوجوب الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ وذلك بالاحتجاب عن الرجال وعدم الاختلاط.

    المؤلف : محمد بن عبد الرحمن العريفي

    الناشر : موقع الشيخ العريفي www.arefe.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/336097

    التحميل :

  • مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنةمناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة في «مناسك الحج والعمرة في الإسلام» بيَّنت فيها كل ما يحتاجه الحاج والمعتمر، والزائر لمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من حين خروجه من بيته إلى أن يرجع إلى أهله، سالمًا غانمًا - إن شاء الله تعالى -، وقرنت كل مسألة بدليلها من الكتاب والسنة، أو الإجماع على حسب القدرة التي يسّرها الله تعالى لي. وقد ذكرت في متن هذه الرسالة القول الصحيح الراجح بدليله، وذكرت في الحواشي المسائل الخلافية، وبيّنت الراجح منها؛ ليستفيد من ذلك طالب العلم وغيره ... وقد قسمت البحث إلى اثنين وأربعين مبحثًا على النحو الآتي: المبحث الأول: مفهوم المناسك، والحج، والعمرة. المبحث الثاني: فضائل الحج والعمرة. المبحث الثالث: منافع الحج، وفوائده، ومقاصده. المبحث الرابع: حكم الحج، ومنزلته في الإسلام. المبحث الخامس: حكم العمرة. المبحث السادس: شروط وجوب الحج والعمرة. المبحث السابع: وجوب الحج على الفور. المبحث الثامن: النيابة في الحج والعمرة. المبحث التاسع: آداب الحج، والعمرة، والسفر. المبحث العاشر: مواقيت الحج والعمرة. المبحث الحادي عشر: الإحرام. المبحث الثاني عشر: صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم - بإيجاز. المبحث الثالث عشر: صفة الأنساك الثلاثة. المبحث الرابع عشر: التلبية: مفهومها، وألفاظها، وحكمها، ووقتها، وفوائدها، وآدابها. المبحث الخامس عشر: محظورات الإحرام. المبحث السادس عشر: فدية المحظورات. المبحث السابع عشر: محظورات الحرمين: مكة والمدينة. المبحث الثامن عشر: الإحصار عن البيت الحرام. المبحث التاسع عشر: ما يباح للمحرم. المبحث العشرون: أركان الحج وواجباته. المبحث الحادي والعشرون: أركان العمرة وواجباتها. المبحث الثاني والعشرون: سنن الحج والعمرة. المبحث الثالث والعشرون: فضائل مكة والمدينة. المبحث الرابع والعشرون: صفة دخول مكة. المبحث الخامس والعشرون: الطواف بالبيت العتيق. المبحث السادس والعشرون: السعي بين الصفا والمروة. المبحث السابع والعشرون: أعمال الحج يوم الثامن (يوم التروية). المبحث الثامن والعشرون: الوقوف بعرفة. المبحث التاسع والعشرون: الفوات. المبحث الثلاثون: المبيت بمزدلفة. المبحث الحادي والثلاثون: أعمال الحج يوم النحر. المبحث الثاني والثلاثون: المبيت بمنى ليالي أيام التشريق. المبحث الثالث والثلاثون: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج. المبحث الرابع والثلاثون: رمي الجمار أيام التشريق. المبحث الخامس والثلاثون: طواف الوداع. المبحث السادس والثلاثون: الخلاصة الجامعة في صفة الحج. المبحث السابع والثلاثون: الخلاصة الجامعة في صفة العمرة. المبحث الثامن والثلاثون: الهدايا. المبحث التاسع والثلاثون: الأضاحي. المبحث الأربعون: العقيقة. المبحث الحادي والأربعون: زيارة مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. المبحث الثاني والأربعون: آداب العودة من الحج، والعمرة، والسفر».

    المؤلف : سعيد بن علي بن وهف القحطاني

    الناشر : المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/193639

    التحميل :

اختر التفسير

اختر سوره

كتب عشوائيه

اختر اللغة

المشاركه

Bookmark and Share